“هآرتس” تكشف كيف أعدم جنود الاحتلال المقدسي نور شقير
“هآرتس” تكشف كيف أعدم جنود الاحتلال المقدسي نور شقير
نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية، يوم الجمعة، تقريرًا مطولًا حول عملية إعدام جنود الاحتلال، للمقدسي نور شقير من سكان بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، وذلك خلال مروره عبر حاجز “الزعيّم” شرقي المدينة المحتلة.
وبحسب شهادات نشرها التقرير، فإن شقير (33 عامًا)، كان يقود مركبة، وطُلب منه التوقف، وتوقف حينها ثم خرج من السيارة ويداه مرفوعتان، قبل أن يطلق الجنود النار عليه من مسافة 100 متر.
ووفقًا للتقرير، فإنه قبل إطلاق النار تجاه شقير، وقبل أقل من ثانية من ذلك، صدر أمر بعدم فتح النار تجاهه، لكن من دون جدوى، حيث تم إطلاق عدة رصاصات ما بين 3 إلى 4 تجاه الجزء العلوي من جسده، واستشهد على الفور.
وحاولت “شرطة حرس الحدود” (الإسرائيلية)، في البداية الادعاء أنه حاول تنفيذ هجوم دهس، لكن سرعان ما تم التراجع عن ذلك.
ومنذ لحظة استشهاد نور، بقيت والدته “وفاء” شاحبة، ولا تخرج من فمها أي كلمة، وتغرق من وقت لآخر في صمت الأفكار، بعدما انهارت في اللحظات الأولى لاستشهاده.
ونور هو الثاني بين أشقائه التسعة – كما يقول والده جمال – مشيرًا إلى إن نجله كان يعمل في الشاحنات والنقل في أكثر من منطقة ومنها “تل أبيب”، وتعرض قبل 3 أشهر لحادث عمل، وأخبر والدته قبل 4 أيام من استشهاده أنه ينوي الزواج.
وفي يوم استشهاد نور في الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، غادر الوالد جمال، المنزل في الصباح الباكر متوجهًا إلى “تل أبيب”، وعند الظهيرة عاد والده إلى المنزل، وكان يبحث عن نور، وظن والده حينها أنه يتجول بالسيارة، وفي ذلك الوقت رأى شقيقه يحيى (25 عامًا)، صورة على فيسبوك لسيارة بيضاء فيات، محاطة بالجنود الإسرائيليين عند حاجز الزعيم، فسارع يحيى للاتصال بوالده وسط قلق كبير لديه، خاصةً وأن في سلوان سيارتين من هذا النوع.
قرر الأب والابن التوجه إلى الحاجز برفقة الابن الأصغر تامر (14 عامًا)، وكان في ذلك الوقت يواصل يحيى تصفح موقع فيسبوك، ثم اكتشف في رعب فجأة صورة شقيقه ممددًا على الطريق ويداه موضوعتان فوق رأسه وعيناه مغمضتان، وحاصره الجنود، فأصبح يصرخ في السيارة “إنه أخي، إنه أخي”، فأصيب والده بالجنون، وأوقفوا السيارة عند الرصيف قرب الحاجز، وركضوا وحاولوا الاقتراب، إلا أنه لم يسمح لهم، فصرخ الوالد على الجنوط “هذا ابني أم لا؟، أريد أن أعرف ما حدث له”، لكن لم يجبه أحد.
اقتاد جنود الاحتلال يحيى إلى الاستجواب من قبل ضباط الشاباك، وطلبوا من الوالد جمال الحضور لكنه رفض، ثم عاد للمنزل وتناول دواء خاصًا بمرض “الربو”، ثم توجه إلى مركز الاحتجاز في المسكوبية، وكان يأمل في أن يكون ابنه بخير خاصةً أنه لم تظهر أي دماء أو أضرار في مكان الحادثة، لكن لم يطلعه أحد على التفاصيل وطلبوا منه العودة إلى البيت.
ويقول الوالد جمال: “لم يخبرني أحد بأي شيء، ورفضت المغادرة حتى أعرف ما حدث لابني”، مشيرًا إلى أنه بقي في المكان حتى خرج نجله يحيى من الاستجواب، حتى وصل إلى المكان نجله الأكبر أنور (36 عامًا)، وهو يصرخ ويضرب نفسه ويقول “نور استشهد”، حتى بكى (أي الوالد) وبدأ يصرخ بالمكان، ثم عادوا إلى المنزل في سلوان وفي اليوم التالي طلب منهم الشاباك الحضور للاستجواب، فرفض ذلك.
قرابة الساعة الثالثة من يوم الأربعاء، كان نور عائدًا من نقل الركاب إلى عناتا، ووصل إلى حاجز الزعيم، واعتقد أنه سيمر بسهولة كما كان دائمًا بفضل اللوحات الصفراء لسيارته، لكن الجنود طلبوا منه التوقف، وربما شعر بالخوف واستمر في القيادة لمسافة 150 إلى 200 متر أخرى من الحاجز، فأطلق الجنود النار قربه، ثم خرج من المركبة ورفع يديه، حتى أطلق أحد أفراد الأمن الذي يرتدي الزي الأسود، نحو 6 رصاصات عليه، وسقط في المكان، وهذا حسب رواية أحد شهود العيان الآخرين.
وفي شريط فيديو نشرته منظمة “بتسليم” الإسرائيلية، شوهد جندي وأحد أفراد الأمن يركضون باتجاه سيارة فيات، ثم سمع أمر يصدر لهم “لا تطلقوا النار”، وبعد ذلك مباشرة سمعت عدة طلقات أثناء جري أولئك الأفراد، ثم سمع مرة أخرى “لا تطلقوا النار – نظيف – توقفوا – توقفوا”، لكن مع وصولهم قرب السيارة كان شقير قد فارق الحياة.
ويظهر الفيديو وصول 9 من أفراد ما يسمى بـ “شرطة حرس الحدود” في المكان، وهم يحيطون بالسيارة وبنادقهم مصوبة إلى الأسفل تجاه الطريق، وكانت السيارة تخفي من يستهدفون، لكن الشهادات والصور تؤكد أن شقير نزل من السيارة قبل قتله.
وأشارت المنظمة إلى أنه في كل مرة يتم المسارعة بنشر فيديوهات حول أي مزاعم بوجود محاولات تنفيذ هجوم، لكن هذه المرة لم يتم نشر أي مادة.
وادعى متحدث باسم شرطة الاحتلال أن شقير كان يحمل وثائق تعريف ليست له، وحاول انتحال شخصية أخرى، وخلال الفحص الأمني اخترق الحاجز وانطلق بسرعة، حيث اصطدم خلالها بشرطي وأصابه. وفق زعمه.
ولم يُسلم جثمان نور إلى عائلته إلا يوم الأحد في وقت متأخر بعد 4 أيام من الحادثة، وفي بلد لا يعيد جثث “الإرهابيين” تشير الحادثة نفسها إلى أن نور لم يكن “إرهابيًا”، كما تقول الصحيفة.
ورغم ذلك، حددت الشرطة عددًا من الشروط لإعادة الجثمان، على أن تتم الجنازة في غضون 3 ساعات من تسليم الجثمان، ولا يسمح إلا بحضور 30 شخصًا، 20 داخل المقبرة، و10 خارجها، ويمنع التلويح بالأعلام وتعليق الملصقات التذكارية، والتصوير بالأجهزة المحمولة، وحددت الطريق الذي سيتم من خلاله مرور الجنازة، والتي شهدت انتشارًا كبيرًا لأفراد لشرطة الاحتلال.