سعد الدين شاهين

سوهاج / مصر 25/4/2018 

       سعد الدين شاهين

مقبرة الفراشات

أودعت في سرّ  الفراشات الوصية

 حين حامت  في حماي فراشة الأحلام تسأل

كيف  للمحتل أن يزهو بأجنحتي

وفي لون  الجناح الغاصبون.. تلونوا وتبرقعُوا ؟!

 

في  رهط من حفروا مقابرَ للفراشات الجميلةِ

كان حول النارِ بعضُ الناسكين  يُدَوْزِنُونَ  دعاءَهم :

يا رب : إن فراشة في الحقل

تملأ بالسعادة رهط أطفال ٍ

على لون الفراشة في البلاد تجذّروا وتَموْقَعوا

 

رسموا منازلهم بما فيها من الأحلام بالشمس العتيقة

 ثم خلُّوا أكرةَ الأوجاع تحتمل البقاءَ

إذا همى سيلٌ وحاق بدربهم  مستنقعُ

 

وبدأت أجمع ما تناثر فوق رمل الشط من أصدافهِ  

علِّي  أرى في أي ثوبٍ للمحارةِ

 حين تخلعه المحارة في ارتداد الموج بين صخورها  تتقوقعُ

 

ورّثتُ ما في  الحقل للأزمان

قالت لا تُطِل …فالانتظار حقول من فيها

لنا العمرُ الطويلُ

ومَن على نبض البلاد ِ

– وما تردّدَ في أناشيد الرجوع – ترعرعوا

 

علّقت صورَتَها الأخيرةَ في مداري مطمئنا

 مثل كل الساجدين يسبحون الله في الوطن الغريب

 تكاثروا حطبا .. ولم  يتجمعوا

 

 أنا  في الحقيقة  راهبٌ وجلٌ

 أسبِّحُ كلما أصبحتُ في محراب عشقكِ

وانتبذتُ مغارةَ النُّسّاك  

كنتُ القشّ أدفيءُ في ليالي البردِ

مَن سهروا على مضضٍ ومن  هجعوا

 

في المتن أجَّرتُ الكلام الحرَّ والشعر المنمَّقَ للمديح وللبلاغةِ

قلتُ هيتَ الآن  لا سيفٌ لديّ

ولا أنا  ما تبقى من بقايا العمر فيَّ

ولا  أنا مثلما أنا من بعيد أو قريب ٍ

عندما أهلي على وجعي القديم   افرنقعوا

 

فكما فراشات الحقول توضَّأت بالنار

 أغمضتُ الحريقَ لكي أصلي ركعتين بباب حطة من نوافلها

وكان الغاصبون يفتشون سنابك الكلمات

حين سمعت صرخة قاتلي : دع عنك ما يرويهِ نُسّاكُ المعابد  

لا تعبئ ُفوّهات بنادقٍ صدئت بما يرتدُ من نبع الصدى

 لست الأخير ولن يفيد دعاؤهم   والأدمعُ

 

خلعوا عليك عباءة من خزِّ أرضك

 توتُهم نفلٌ بلا ورقٍ

وأشجار القصائد لا تضيرهُمُ .. ولا  لك  تنفعُ

 

كل الذين تنطعوا…

 ختموا دفاترهم  على  بيع البلاد    وطبّعوا..

 

 كل الذين تحبُّهم تركوك تغرق في الغياب 

 وفي الحضور تربّعوا

 

كل الذين تناولوا زادي استزادوا

بعدما قد خلتهم من زُهدهم  شبعوا

 

كل الذين مشوا على أثر  الخنوع 

وحرَّموا لمسَ  الكلاب

تيمّموا عند الصلاة وسبّعوا

 

وسمعت صرخة قاتلي : لهم  المغانم  والدعاء  المستجاب

 وما سيُبشِرُ فيه – (من طول السلامة – مِربعُ )

فأقم صلاتك  خلفهم  وأنر طريقك واصفح الصفح الجميل

وضع لرأسك موضعا معهم وقل : فليقطعوا

وسمعت صرخة قاتلي خلف الجدار بلكنةٍ

 يُرغي ويزبد تارة ويجعجعُ  :

كل الذين تنطّعوا

ختموا دفاترهم على بيع البلاد وطبّعوا

 

   فصرخت باسم الطين في بلدي وباسم المرضعات  

   بأن من حُرموا منازل  أهلهم لن  يركعوا

 

 فأجابني ذئبي المخبأ     داخلي

ومضى يجوح كمن تلبّسهُ الرّدى فيما رَوى التاريخ

 أن مآلهم  مستنقعُ

 

من قال إني هيت في الصلح  إليهم  طيّعا

 لم يقرؤوني في الكتاب

وفي الوغى عني إذا حمّ القضا لم يسمعوا

 

أنا  من سلالة    حنظلات القوم   

 أمشي في بلاد التيه منتصبا  

وأترك  هامتي بالعزِّ ترتفعُ

  وإن  أغمضتُ لا أغفو على  وجعي

 وأفصِحُ للزناد  بما سيرويه  الزناد اذا ارتخى

 ليشده عند اللقاء الأصبعُ