استجابة لدعاوى جمعيات استيطانية: محاكم إسرائيل تصدر قرارات بإخلاء عشرات المقدسيين من بيوتهم
استجابة لدعاوى جمعيات استيطانية: محاكم إسرائيل تصدر قرارات بإخلاء عشرات المقدسيين من بيوتهم
من المتوقع إخلاء 87 من سكان شرقي القدس من بيوتهم بعد صدور 3 قرارات من المحاكم لصالح جمعيات مستوطنين. يدور الحديث في هذه الحالات عن دعاوى لمنظمات يمينية تطالب إخلاء سكان الفلسطينيين، بدعوى إعادة ممتلكات يهودية من قبل سنة 1948. في إحدى الحالات عرض أحد أعضاء جمعية “عطيرت كوهانيم” أن يساعد والد إحدى العائلات في الحصول على كلية يحتاج إليها كجزء من عرضه لإخلاء البيت طوعاً.
الإثنين، رفض قضاة المحكمة المركزية في القدس -رفائيل يعقوبي، موشي بار-عام وحنا مريم لومف- التماس عائلة دويك من سلوان وأمروا بإخلاء المبنى لصالح أعضاء جمعية “عطيرة كوهانيم”، خلال أسبوعين. وتنوي العائلة عودة الاستئناف للمحكمة العليا. في المبنى الذي تسكن فيه العائلة منذ 1963 يسكن 30 شخصاً من أبناء العائلة، من بينهم 12 طفلاً تحت سن الـ18. وقدم المستوطون بالإضافة لذلك دعوى مالية ضد عائلة دويك بمبلغ 600 ألف شيكل.
وقال مازن دويك، والد العائلة، بأنه “منذ 2007 ونحن معهم في المحكمة، ثمة إله في السماء لا نخسر عنده. ماذا يمكننا أن نفعل، علينا أن نواصل حتى النفس الأخير”. دويك مريض بالكلى، وحسب أقواله خلال محادثاته مع باراك فينبيرغ، الذي يعمل في جمعية “عطيرت كوهانيم”، عرض عليه فينبيرغ الحصول على كلية لزرعها. حسب أقواله، عرض عليه فينبيرغ مساعدة مالية لكي تخلي العائلة البيت دون مقاومة: “قلت له إذا كنت تنظر لي كإنسان ساعدني في موضوع الزراعة، أخبرني إلى أي مستشفى علي أن أذهب، لكن ليس من أجل إخراجي من البيت”. لقد حاولوا أيضاً بطرق أخرى، فذهبوا إلى صهري وقالوا له “قل له أن يبيع البيت”.
عائلة دويك واحدة من عشرات العائلات الفلسطينية التي تسكن في حي بطن الهوى الواقع في سلوان. أقيم الحي في منطقة “قرية اليمنيين”، وهو حي يهودي صغير كان موجوداً حتى 1938، عندها أخلت حكومة الانتداب البريطاني سكان ذلك الحي اليهودي. قبل حوالي 20 عاماً، استولت جمعية “عطيرت كوهانيم” على وقف بنفنستي، وهو وقف تاريخي مسجل باعتباره صاحب الأرض في ذلك المكان، وبدأت محاكم قضائية ضد العائلات الفلسطينية التي تعيش هناك منذ عشرات السنين. حتى الآن نجحت الجمعية في إخلاء عدد من العائلات واستبدلت بهم عائلات يهودية. ومعع ذلك، هنالك عشرات الدعاوي التي ما زالت تناقش في المحاكم.
الدولة تساعد جمعية “عطيرت كوهانيم”، وقريباً من المخطط أن ينشأ في الحي مركز تراث ليهود اليمن بتكلفة 4 مليون شيكل. وقبل حوالي سنتين، رفضت المحكمة العليا التماساً هاجم سلوك الدولة في هذه القضية. وانتقد القضاة الدولة و”عطيرت كوهانيم””، ولكن قضاة الحكمة العليا (دفنة براك- ايرز، عنات برون ويوسف الرون) قرروا رفض الالتماس. وبعد ذلك، تم استئناف المداولات ضد الفلسطينيين بصورة أشد. في أيلول، حكمت القاضية افرات ايخنشتاين- شلومو من محكمة الصلح في القدس بأن على الـ26 من أفراد عائلة عبد الفتاح الرجبي التي تسكن في الحي إخلاء بيتهم.
وفي الأسابيع الأخيرة، بدأ مسجل الأوقاف في وزارة العدل بعملية فحص “وقف بنفنستي” والعلاقات بينه وبين جمعية “عطيرت كوهانيم”، ولكن هذه الإجراءات لا توقف في هذه المرحلة الإجراءات القضائية ضد السكان الفلسطينيين.
في الأسابيع الأخيرة، حظي المستوطنون في القدس بانتصارات أخرى، من بينها في حي الشيخ جراح. وثمة إجراءات قضائية تجري ضد عشرات العائلات بدعوى أنها تقيم على أرض كان يمتلكها يهود قبل 1948. قبل حوالي شهر ونصف، حكمت القاضية دوريد فاينشتاين من محكمة الصلح في القدس لصالح شركة “نحلات شمعون” التي يديرها نشطاء يمينيون، وأمرت بإخلاء 25 شخصاً من 4 عائلات. وفرضت القاضية على الفلسطينيين دفع 280 ألف شيكل كرسوم للمحاكمة ورسوم أتعاب لمحامي المستوطنين، وأمرت -بصورة استثنائية- الشرطة للمساعدة في إخلاء السكان.
في بداية هذا الشهر، رفضت القاضية لئات بنميلخ من محكمة الصلح في لقدس أيضاً طلب عائلة صباغ التي تضم 32 شخصاً بتأجيل تنفيذ قرار الحكم الذي صدر ضدها بإخلاء المبنى. وفي كلتا الحالتين، قدم المحامي سامي ارشيد التماساً إلى المحكمة المركزية في محاولة لمنع الإخلاء.
الأرض في الشيخ جراح، المجاورة لقبر شمعون الصديق، اشترتها الجاليات اليهودية في القدس في القرن الـ18. وأسس نشطاء يمينيون شركة “نحلات شمعون” التي اشترت الحقوق على الأرض من لجنة الطائفة السفاردية ومن لجنة الطائفة الأشكنازية، ومنذ سنوات عديدة تدير الشركة إجراءات قضائية لإخلاء العائلات الفلسطينية من المكان.
العائلات الفلسطينية تسكن في المنطقة منذ أن أسكنتهم الحكومة الأردنية هناك في سنوات الخمسينيات. يدور الحديث عن عائلات لاجئين لها ممتلكات في أراضي دولة إسرائيل. وبسبب قانون أملاك الغائبي، لا تستطيع المطالبة باستعادة ممتلكاتها كما يفعل نشطاء اليمين. “إن محرك لهذه القضايا سياسي، ونتيجتها سياسية” يقول المحامي ارشيد. “لعملائي عقارات في حيفا ويافا والقطمون، ولكن ليس لديهم القدرة على المطالبة بها”. يقول محمد صباغ، الذي رفضت المحكمة طلبه: “لعائلتنا بيتان في يافا، أحدها في شارع كيدم 10 والثاني في شارع هسني 11. ولكنني لا أستطيع المطالبة بهما، هذا هو القانون الإسرائيلي، وليس قانوني”.
تخشى حجيت عفران من منظمة “السلام الآن” من أن يبكّر المستوطنون في تنفيذ الإخلاءات حتى قبل تسلم جو بايدن منصبه للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني، لأن إخلاء عشرات السكان الفلسطينيين قد يتحول إلى حدث دبلوماسي أمام الإدارة الجديدة. “لست واثقة من أن بايدن يمكنه ذلك، ولكني آمل على الأقل أن يكون ذلك على جدول أعماله” قالت.
المحامي افرهام موشي سيكل، وكيل و”قف بنفنستي” قال رداً على ذلك: “على الرغم من أن عائلة دويك اقتحمت أرض الوقف، فقد اقترح عليها المرة تلو الأخرى قبل حكم القانون، إخلاء العقار الذي تضع يدها عليه مقابل تعويض مالي يمكنها من الحصول على مأوى مناسب في مكان آخر، وهناك عروض مشابهة أعطيت لكل من اقتحموا أراضي الوقف. للأسف، فبسبب ضغوط شديدة من جهات خارجية (بما في ذلك السلطة الفلسطينية) والذين لا يهمهم مصالح الأسر المقتحمة، فإن هؤلاء الغزاة يمتنعون عن قبول العروض. في كل ما يتعلق بالسيد مازن دويك، فإن السيد دويك كان أبلغ ممثلي الوقف بمرضه، وهؤلاء عرضوا عليه مساعدتهم دون أي شرط أو علاقة بإخلاء العقار الذي يضع يده هو وعائلته عليه بصورة غير قانونية. ويجب التأكيد على أن ممثلي الوقف على اتصال بجمعية “متنات حاييم” وجزء منهم تبرعوا بكلية. للأسف، إن من لا يسعى نحو الحقيقة أو كان مدفوعاً بأجندة، قادر أيضاً على تشويه هذه الرحمة الإنسانية النقية وغير المتحيزة”.
بقلم: نير حسون
هآرتس 26/11/2020